موقع إروان   أضفنا إلى المفضلة اجعلنا صفحة البداية   الصفحة الرئيسة
خارطة الموقع ساهم معنا اتصل بنا سجل الزوار مواقع فرعية  
 
 
 
 
مساهمات فكرية   2012-03-03
أي شباب نريد؟
 

بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ... ﴾ [آل عمران: 110]، وقال أيضا: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55].

في هاتين الآيتين الكريمتين يرينا الله I المظهر المفترض الذي يجب أن تكون عليه الأمة الإسلامية خير الأمم وأرقاها، أقوى الأمم بالاستخلاف في الأرض، وتمكين الدين، والأمن والاستقرار الاجتماعي. لكن يبدو الحال غير ذلك: ذل وهوان، استعمار واسترقاق، تخلف وفقر، فوضى وفتن... والقائمة طويلة. فما هي الأسباب؟ وما السبيل إلى العودة إلى السكة القويمة؟

لنأخذ في دراستنا هذه حول حال الأمة الإسلامية الشبابَ الجزائريَّ بصفة خاصة، مع إطلالات على بعض الشعوب الإسلامية الأخرى؛ إن صح التعبير.

إن المتأمل في أوضاع الشعب كعائلة واحدة يجد الآباء في أمرهم ساهين عن أدوارهم، وكبار الأبناء في مرح يلعبون بدعوى المراهقة، أما صغار العائلة فلا حول لهم ولا قوة إلا التأسي بما يعجب النفس؛ لا العقل والدين.

نعم، لنرجع الآن بصورتنا العائلية إلى المجتمع الكبير: شباب فارغة عقولهم يملأون الأسواق والشوارع، إلا من رحم ربي ممن قد تألقوا بدينهم فأصبحوا شواذا وسط أولئك الذين يكاد ينطبق عليهم قول ربنا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: 29].

والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة هنا: لماذا أصبح من شبابنا الذين نقول عنهم "إنهم مسلمون" بهذه الصورة؟ كل من هب ودب يستطيع النفخ فيه من سمه فيحوِّل اتجاهه رأسا على عقب، ألا يكون كالرسول محمد e الذي قال عنه أبو سفيان لما عيب عن تزويجه -مع كفره به-: "هو الفحل الذي لا يصقع أنفه"؟

سيكون هذا إن أردناه بأيدينا، فنحن لا نرى إلا ما كسبت أيدينا وما فعل السفهاء بنا ومنا. وإذا أردنا رؤية حال أمة من الأمم ودراستها فلننظر إلى حال شبابها، فهم الطاقة المحركة وهم محور الأمة ومستقبلها.

لنحاول سويا من خلال ما نشاهده وما يمليه علينا ربنا في كتابه استخلاص بعض من الأسباب التي جعلت من شبابنا هذا الأمر:

1-         أسباب بعيدة المدى:

إن المتأمل في حياة الشاب الجزائري وهو صغير يافع في طور النشء (أخطر مراحل تكوين الفرد) لا أظنه يرضاها! فكيف نبغي صلاح أبنائنا وأمهاتهم خارج البيوت يشغلن مناصب الرجال، وقد قال U لهن: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الاُولَى﴾

وكيف نرجو صلاح أبنائنا وهم دائمو التسكع في الطرقات إلا أوقات الدراسة أو النوم (وقد يكون خارج البيت أيضا)؟ تجدهم تلعب بهم الأهواء، ولا تجد أحدهم يبالي إلا من رحم ربي، فجل الأولياء في غفلة ساهون عن أولادهم.

كيف نرجو صلاح أبنائنا ونحن لا نعلمهم القرآن ولا السيرة النبوية العطرة، ثم نعلمهم -أو نرضى لهم-الاقتداء والولاء للمغنيين وسَفَلَة الأمم من لاعبي كرة القدم وغيرهم، في حين يقول رسول الله e: «علموا أولادكم القرآن؛ فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو»، وقال ربنا أيضا: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22].

وهنا يجدر بنا أن نشير إلى ما في منظومتنا التربوية من اختلاط وعلمانية وبُعد عن التعاليم الإسلامية السمحة. فكيف نتمنى صلاح فرد ووالداه لم يتفقا على أسلوب تربية واحد، فهو متذبذب ﴿... لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء... ﴾؛ أيسمع أمه أم يسمع أباه؟ ؟ لنتأمل هذه الصورة القرآنية البليغة الرائعة التمثيل: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 29].

2-         أسباب قريبة المدى:

قال ربنا U في سورة الروم: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ... ﴾[الروم: 41]، فما هو هذا الذي كسبته أيدينا؟

1- انعدام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد قال u: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شرارَكم فيدعو خيارُكم فلا يستجاب لهم»، وقال: «الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ جُنْدَانِ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ، فَمَنْ نَصَرَهُمَا نَصَرَهُ اللَّهُ وَمَنْخَذَلَهُمَا خَذَلَهُ اللَّهُ»، ناهيك عن الآية السالفة الذكر في المقدمة: ﴿كنتم خير أمة... ﴾، فنجد المسجد قديما والحاكم أو السلطان هما محور الأمة أما الآن: فسب الله ولعن الدين أمر عادي، يُنَكَّتُ به ولا حرج، بل الواقف عنده هو المخطئ أحيانا.

2- يقول المولى U: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: 112]. تأمل معي أخي الكريم هل يمكن إسقاط هذا القانون الإلهي على واقعنا الذي كثيرا ما غابت عنه نعمة الأمن؟ . لنتأمل جيدا ونعيد التفكير من جديد إذن؟ !

كما يقول ربنا U: ﴿لقد كان لسبإ في مساكنهم ءاية جنتان﴾ حقا؛ ليس غاية إيراد هذه الآية في القرآن الاعتياد، فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، والذي لا ينظر في التاريخ لا مستقبل له كما قيل.

هذه وتلك أسباب قليلة فهناك أخرى عديدة؛ الإدارة والمنظمات الشبانية والقنوات التلفزيونية كلها تساهم مساهمة فعالة في التأثير على الشباب سلبا وإيجابا. فأيها أصح وأقوى تأثيرا؟ ليسأل كل منا ضميره.

بعد هذه النظرة المقربة والمبسطة لا أقول إلا ما قال ربنا على لسان يعقوب u: ﴿... وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾، وما قاله أبونا إبراهيم u: ﴿... وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ﴾.

فمن نفس وجهة النظر لنحاول استقراء بعض الحلول عسى أن يجعلها الله سببا في تكوين الجيل الذي يمكن الله دينه في الأرض:

1-     إعادة مياه المجتمع إلى مجاريها: الأولياء للعمل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ... ﴾ [النساء: 34]، والأمهات إلى تربية النشء على الطريقة الإسلامية السمحة: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... ﴾.

2-     الاعتماد على تربية الطفل في مراحله الأولى، بل وقبل اختيار الزوجة كما قال e: «اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس»، ولا اعتبار هنا للاعتذار بالقول: لا يزال صغيرا ولا يعرف شيئا فدعه يفعل ما يحلو له.

3-     تدعيم المدارس الإسلامية الخاصة والزوايا القرآنية التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

4-     الابتعاد عن الحرام فكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به.

5-     بعد اتخاذ هذه الأسباب وغيرها لابد من الدعاء والتضرع إلى مالك الملك الذي أمره بين الكاف والنون فقد قال I: ﴿... ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].

هذه خواطر أوردتها وبعض الحلول استنبطتها قابلة للزيادة والنقصان والتحليل، فالهدف هو التغير والتمكين للدين في الأرض بأية وسيلة كانت: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت] هدى الله شبابنا إلى ما فيه الخير والصلاح وجعلهم أشباها بشباب محمد e، فلم يكن أصحاب رسول الله e إلا شبابا والحمد لله رب العالمين.

من مجلة الأصالة والثقافة- العدد 38- السنة الدراسية 2010/2011م

لخضر بن محمد عمي سعيد

السنة الثالثة الثانوية علوم تجريبية

 

 

 

 

 

 

 

 

تقديم
التعريف بالمؤسسة
الشيخ عمي سعيد
التربية والتعليم
الأنشطة والأخبار
فضاء الطالب والأستاذ
معهد عمي سعيد
مدرسة عمي سعيد
قسم التخصص
قسم التراث والمكتبة
قسم الدورات والتربصات
قسم المناهج والتكوين
قسم الإعلام والعلاقات
نادي النشاط الثقافي والرياضي
زوارنا من
زوارنا من
المتواجدون حاليا